ولا غَريبَ إذا أصبَحتُ ذا حـــَــــزَنٍ
إنَّ الغريبَ حَزينٌ حيثما كَانــَـا
(من شعر: ابن معصوم المدني)
قِصَّتي تَبدُو غَريبَةً، وكَذلِكَ كَانَ حَالُ اليَهودِ في مَشَارِقِ الأَرضِ ومَغَارِبِها، وكَما قَال إِبراهام بن عزرا "التَفَاسِيرُ كَالمَلبُوسَاتِ تَلتَصِقُ بِالجَسَدِ، فَمِنهَا رَقِيقٌ كَالحَريرِ ومِنهَا غَليظٌ كَالوَبَرِ"، وبَينَ الوَقَائَعِ والتَفسيرَاتِ كَانَ اليَهودُ في أَزمِنَةٍ كَثيرَةٍ ضَائِعين.
ولِماذا أَضرِبُ مَثَلَاً وحَيَاتِي أَنَا تُعَبِّرُ عَن هَذِهِ المَتَاهَةِ التَّاريخيةِ؟.
وأَنَا مُتَيقِّنٌ مِن أَنَّ أُنَاسَاً سَيَأتُونَ يَومَاً لِيَسأَلُوا: لـِمَ عَمِلَ مَعَ صَلاحِ الدِّينِ الأَيُوبِي وَأَوصَى أَن يُدفَنَ فِي طَبَريّا؟ ولِـمَ ارتَابَ فِيهِ مُسلِمُونَ ويَهوُد؟
لَكِن لا بَأس!.
اسمِي مُوشيه بن مَيمون أو مُوسَى بن ميمون. يُسمونَني الرَّئيس أبو عُمرَان بن مُوسَى بن مَيمون بن عَبدِ الله القُرطُبي الأَندَلُسي، واسمي فِي العِبريّة رامبام وَهُو اختِصارٌ مَعنَاهُ: الحَاخَام مُوسَى بن مَيمُون، وبَعضُهُم يُفَضِلون نَعتِي بـ الإِسرَائيلِي. ويُسمُّونَني أيَضًا: المُعَلِّم، أَو النِسرَ العَظيمَ، وطَبيبَ قُرطُبَةٍ. وقَد وَرِثَ ابني أبُو الـمُنَى إِبرَاهيم مِنّي حِذقَ الطِّبِ حَتَّى صَار مِن أَطِبَّاءِ بَني أَيوب. ولدت في قُرطُبة العَامَرة بِبِلادِ الأَندَلُس. والعَلاقَاتُ بَينَنا وبَينَ الـمُسلِمِين مُتَّصِلَةٌ مُطلَقَةٌ مِن كُلِّ قَيدٍ مَا جَعَلَنا نُسرِعُ في الانِدِمَاجِ في الَجمَاعَةِ، فَاستَعرَبَت أَلسِنَتُنَا، وأَخَذنَا لِبَاسَ الـمُسلِمِين وأَسلَمَت مِنَّا جَمَاعَاتٌ كَثيرَةٌ مَع الزَّمَنِ. أَبي كَانَ مِن أَكَابرِ العُلَمَاءِ الـمُمتَازين، هُوَ الطَّبيبُ والقَاضِي مَيمُونُ بن يُوسُف.